Speech delivered by Seyyed Abd Al Aziz Al Hakim in Amman December 1st 2006

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين .

السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته .

أقف اليوم بينكم أيها الأشقاء العرب والأردنيون المؤمنون لأنقل إليكم رسالة الشعب العراقي الممتحن بشتى المصائب والويلات .

أيها الإخوة الأعزاء ، إن الرسالة التي احملها إليكم من الشعب العراقي هي رسالة الحب والإخاء والود الصادق ، وهي رسالة المسلم إلى أخيه المسلم . وهي رسالة التعاون على الخير والبر والتقوى كما أمرنا الله سبحانه وتعالى .

إننا أيها الإخوة الأعزاء ومن هذا المنبر نؤكد لكم ولكل العالم أننا تعرضنا ومنذ ثلاثة سنين لحرب إبادة شنّها علينا عناصر القاعدة التكفيريون والصداميّون الذين ركّزوا كل عملياتهم الإرهابية ضد أتباع أهل البيت عليهم السلام ، وقتلوا خيرة رجالنا وعلمائنا ، كل ذلك من أجل إذكاء الفتنة الطائفية في العراق ، ولكننا وقفنا أمام ذلك وقفة الرجل المسؤول الذي يعض على جراحه من أجل الإبقاء على عُرى الإخوة ووشائج العلاقة الوطنية التي عرفها العراقيون بكل مكوناتهم طيلة قرون من الزمن ، حتى فجّر هؤلاء مرقد الإمامين علي الهادي ، والحسن العسكري (ع) ، فلم يتحمّل العراقيون هذه الجريمة الكبرى التي تمسّ الصميم من عقيدتهم بأئمة أهل البيت ، فاندلع العنف المقابل كرد فعل على الجرائم التي ترتكب ، وقد عملت مرجعياتنا الدينية ونحن معهم من أجل ضبط الأوضاع ووضع حد لعمليات القتل المتبادل ، وما زلنا نعمل من أجل تطويق هذه الحالة ، لأننا نؤمن بحرمة الدم المسلم وهو ما أكد عليه القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة وسيرة أهل البيت عليهم السلام.

إننا ندين ونرفض أشدّ الرفض القتل على أساس الهوية المذهبية ، ونؤكد هنا أن منهجنا الذي تعلمناه من أئمة أهل البيت هو منهج الوحدة الإسلامية ، وان الأمل معقود بأبناء أهل البيت من علماء ومفكرين ومسؤولين لتعزيز هذا المنهج ( منهج التقريب بين المذاهب وتعزيز وحدة المسلمين ) في عالمنا اليوم لمواجهة فكر التكفير والإقصاء والقتل والذبح على الهوية .

أيها الإخوة إن الشيعة والسنة في العراق متداخلون فالعشيرة العراقية الواحدة فيها من الشيعة مثلما فيها من السنة ، والعوائل الشيعية تتزاوج من العوائل السنية والعكس صحيح أيضا ، ولذلك فان النسيج العراقي واحد غير قابل للتفكيك ، وكل الدعوات والمخاوف من اندلاع حرب طائفية والتي تنطلق هنا وهناك بدافع الحرص على العراقيين أو بدوافع أخرى لن تقلل من هذه الحقيقة ، وهي أن العراقيين سيبقون أقوى من كل المحاولات التي تريد تمزيقهم ، لأن اندلاع مثل هذه الحرب ليس فقط ستحرق الجميع بل ستؤدي أيضا إلى تهديد الأمن في كل المنطقة ودفعها إلى متاهات لا يُعلم مداها .

إننا نعتقد أن ما تم إقراره في مؤتمر عمّان حول شرعية العمل بكل المذاهب الإسلامية الثمانية شيء مهم وتطور ايجابي علي صعيد التوحيد بين المسلمين ، ونعتقد أن وثيقة مكةّ جاءت مكملة لهذا الجهد الخيّر ، وان وثيقة عمّان تحتاج إلى إقرار من قبل كل مشايخ الإسلام وعلماء المسلمين مثلما فعلت المرجعية الدينية في النجف الأشرف وشيخ الأزهر الشريف .

لقد تعرضتم أيها الإخوة في الأردن الشقيق إلى بعض ما أصابنا من جرائم التكفيريين ، الذين اتبعوا منهجا خطيراً ومدمراً وهو يخدم أعداء الإسلام والأمة بوعي منها أو بدون وعي ، وعلينا جميعا أن نقف سنة وشيعة أمام هذا المنهج الذي بدأ يتغلغل في جسد الأمة .

إننا حريصون كل الحرص على وحدة العراق ، أرضاً وشعباً ، وقد وقفنا وسنقف أمام أي محاولة لتجزئة العراق ، لان قوّتنا جميعاً تكمن في أن يكون العراق واحداً موحّداً ،، ونحن حريصون كذلك على بناء دولة القانون البعيدة عن التمييز المذهبي ، لأننا لا نريد دولة شيعية تقصي السنة ولا دولة سنية تقصي الشيعة بل نريد دولة يشارك فيها الجميع ، دولة تخدم الجميع وتدافع عنهم وتعبر عن إرادتهم .

لقد أكدنا على منهجنا التقريبي في أكثر من مناسبة وعبر تاريخ طويل من التجارب التي عاشتها الأمة ، فأنا أنتمي إلى عائلة قتل منها النظام السابق أكثر من اثنين وستين شخصاً ثمانية منهم فقط أشقائي ، ووالدي الإمام الحكيم الذي يعرفه الكبار حرّم على العراقيين قتل الإخوة الكرد في موقف معروف ومشهور ، وأنا اليوم لا أطلب جاهاً ولا موقعاً، وقد كان بإمكاني أن أتبوء أي موقع أريد في النظام الجديد في العراق ، ولكنني نذرت نفسي من أجل خدمة العراقيين ، وقد قدمنا الشهداء من أجل ذلك وسوف أستمر على هذا المنهج ، لأنه منهج مراجع الإسلام ، ومنهج الإمام السيد محسن الحكيم في الدفاع عن شؤون المسلمين في كل العالم .

إن ما نطلبه من إخوتنا العرب الذين تهمهم وحدة العراقيين وينشدون الاستقرار في العراق ، هو مساعدتنا جميعاً في تحقيق ذلك ، وذلك بالوعي أولاً بطبيعة المؤامرات التي تنسج ضد العراقيين جميعاً ، واحترام إرادة العراقيين الذين عبروا عنها بالطرق الديمقراطية ، وبالوقوف ضد الأجهزة الإعلامية التي تروج للفتنة الطائفية في العراق ، وآخرها ما نقلته هذه الأجهزة من تصريحات لم نقلها حول إخوتنا السنة في العراق .

إننا ندعو ومن هذا المنبر ولتعزيز وحدة العراقيين وتأكيد وفائهم لرسول الله وأبنائه الكرام البررة إلى ارتفاع الأصوات الخيّرة المطالبة بالتعجيل ببناء مرقد الإمامين العسكريين في سامراء ، ليكون بناءه سبيل خير يوصلنا إلى الوحدة بعد أن كان هدمهما نذير شؤم وتفرقة لوحدة العراقيين والمسلمين ، وندعو كل المسلمين لمباركة هذا المشروع باعتباره عملا صالحا موحدا للمسلمين يمثل جزءاً من الوفاء لذوي القربى كما دعانا القرآن الكريم إلى ذلك .

إن الفيدرالية التي قبلها العراقيون من خلال استفتاء حرّ صوّتوا عليه بالأغلبية بجميع مكوناتهم المذهبية والقومية ، هي شكل من أشكال النظام الإداري للبلد ، وقد وضعنا كل الضمانات اللازمة في الدستور التي تمنع تجزئة العراق ، ومن تلك الضمانات هي موافقة الشعب العراقي من خلال استفتاء في التحول إلى الفيدرالية ، كما أكد الدستور على أن ثروات العراق ومنها النفط هي ثروة لكل العراقيين على محافظاتهم وحسب نسبهم السكانية , وليس ثروة لمحافظة دون أخرى ، بالإضافة إلى الضمانات الأخرى الكثيرة .

إننا نؤكد هنا وللجميع : للعراقيين جميعاً ، وللعرب والمسلمين ، ولكل القوى الدولية والإقليمية ، أن حل المشكلة في العراق لن يتحقق إلا في بغداد ومن خلال العراقيين أنفسهم ، وكل الجهود الخيرة التي تبذل من هذا الطرف الإقليمي أو الدولي يجب أن تكون عاملاً مساعداً للحل ، لا أن تكون بديلاً عن الحل العراقي للمشكلة والمحنة التي يعاني منها العراقيون .

إننا نرحبّ بكل جهد خيّر إقليمي أو دولي ونريده أن يكون جزءً من الحلّ ، وليس عبئاً إضافيا من المشكلة .

لقد وجدنا هنا في المملكة الأردنية الهاشمية وابتداءً من جلالة الملك عبد الله الثاني وانتهاءَ بالسادة من أعضاء الحكومة والبرلمان تفهماً عالياً للمعاناة العراقية ورغبة صادقة في المساعدة على الحلّ ، ونحن نرحب بهذه الرغبة الصادقة ، ونأمل منها خيراً إن شاء الله .

أيها الإخوة إن العراق لن ينفك عن هويته العربية والإسلامية ، ولن ينفك عن ارث عريق من علاقاته العربية والإسلامية ، ونؤكد لكم أن العراق لن يكون سوى العراق ، العراق المستقل بإرادة شعبه ، العراق الصديق لجميع الخيرين شعوباً وحكومات ، العراق الذي يجد فيه الجميع الأخ والشقيق والصديق .

لا نريد للعراق أن يتحول إلى منطلق للعدوان على أي طرف إقليمي أو دولي، ولا ساحة لتصفية الحسابات بين القوى.

نريد عراقاً مستقلاً ، موحداَ ، مستقراً ، يتآخى فيه الجميع على قاعدة أن العراق لكل العراقيين ، عراقاً تشارك جميع مكوناته بإدارته من خلال الوسائل الديمقراطية .

هذه رسالة الشعب العراقي لكم ، فهل ستساعدوننا على تحقيق ما نريد ، أملنا أكيد أنكم تريدون ذلك وأنكم تستطيعون ذلك أيضاً . أشكركم على إصغائكم وإتاحتكم هذه الفرصة الثمينة للقاء بكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عبد العزيز الحكيم

1/12/2006

عمّان